بالفيديو.. سعيّد مُتحدثا للطبّوبي: “ستّ ان أعياك أمري فأحمليني زقفونة” .. وهذه قصّة “زقفونة”

احمليني زقفونة: من مقال بقلم عائدة عبد الحميد – نشر في الشروق يوم 28 – 05 – 2018

أرسل أبو العلاء المعري له ابن القارح رسالة لم يستسغها كما كان لا يستسيغ صاحبها فكتب ردا عليها رسالة الغفران التي تعتبر اليوم من أجود ما كتبت العرب والتي ترجمت إلى عديد اللغات.واهتم بها الباحثون والدارسون ولاقت اهتماما خاصا في الجامعات الغربية ليس فقط لأنها كونت جسرا بين الفكر العربي والفكر الأوروبي بثبوت اطلاع دانتي على النسخة المترجمة منها وأثرها الجلي في رائعته الكوميديا الإلاهية باستعارته لشخصية الشاعر فيرجيل لتقوم مقام شخصية ابن القارح في رحلته إلى العالم الآخر وطوافه بين الجنة وجهنم, بل أيضا وخصوصا لقيمتها الأدبية المجردة.

لماذا لم يتبادل المعري وابن القارح السباب والشتائم؟ ألنقص في بلاغة أحدهما؟ أم لقصور في لغة الضاد؟
وهذا تذكير بمقتطف طريف من رسالة الغفران التحفة المتحفة :

« فلما خلصت من تلك الطموش، قيل لي هذا الصراط فاعبر عليه , فوجدته خاليا لا عريب عنده فبلوت نفسي في العبور فوجدتني لا استمسك , فقالت الزهراء عليها السلام لجارية من جواريها يا فلانة أجيزيه , فجعلت تمارسني وأنا أتساقط عن يمين وشمال، فقلت لها يا هذه , إن أردت سلامتي فاستعملي معي قول القائل في الدار العاجلة : ست إن أعياك أمري فاحمليني زقفونة.

فقالت وما زقفونة؟ قلت أن يطرح الإنسان يديه على كتفي الآخر ويمسك بيديه ويحمله وبطنه إلى ظهره. أما سمعت قول الجحجلول من أهل كفر طاب؟
صلحت حالتي إلى الخلف حتى صرت أمشي إلى الورى زقفونة.
فقالت ما سمعت بزقفونة ولا الجحجلول ولا كفر طاب إلا الساعة.

فتحملتني وتجوزت كالبرق الخاطف , فلما جزت قالت الزهراء عليها السلام قد وهبنا لك هذه الجارية فخذها كي تخدمك في الجنان.»

وجدير بالذكر بأن لفظ زقفونة وشخص الشاعر الجحجلول وبيتي الشعر اللذين نسبهما المعري له وكفر طاب, كل ذلك من خيال وإبداع المعري, ولا وجود للفظ زقفونة في المعجم كما لا وجود لشاعر اسمه الجحجلول ولا لشعر له ولا وجود كذلك لقبيلة أو لمكان بإسم كفر طاب. كل ذلك إبداع محض.

المصدر
Inconnu
المقالة السابقةسوسة: 5 وفيات بفيروس كورونا و155 إصابة جديدة‎
المقالة القادمةعلي الكعلي: الحكومة نحو تقديم مقترحات للسيطرة على كتلة الاجور