تستمر معاناة أبناء ليبيا جراء الفوضى والصراع السياسي والخلل الأمني في بلادهم، بينما تعيش العاصمة الليبية طرابلس حالة ترقب وارتباك بعد اقتحام حشود عسكرية لها قادمة من المدن القريبة.
حيث رصدت وكالات إعلامية تمركز الحشود العسكرية قرب الوزارات والمؤسسات الهامة في طرابلس، في حين عززت المليشيات تواجدها في الموانئ والميادين الرئيسية، وكثّفت دورياتها المسائية، مع تشديد الرقابة على حركة السكان.
وبالتزامن مع هذه التحركات، ذكرت وسائل إعلام ليبية أن الوضع داخل معسكرات المرتزقة السوريين تأزم هو الآخر مع توقعات بتنظيم مظاهرات لهم داخل معسكر اليرموك نتيجة تأخر رواتبهم لثلاثة شهور.
تأتي هذه التطورات أثناء زيارة وفد تركي رسمي برئاسة نائب رئيس جهاز المخابرات جمال الدين تشاليك، رفقة ممثل عن الخارجية التركية لمصراتة ولقائهم بأعيان ونشطاء المدينة ومجلسها البلدي.
وتناقلت وسائل إعلام تصريحات منسوبة لتشاليك، عبّر فيها عن استعداد أنقرة للدفاع عن العاصمة الليبية طرابلس في حال تعرّضها لهجوم. وذلك عقب اجتماعه في طرابلس مع رئيس جهاز المخابرات بحكومة الوحدة الوطنية، حسين العائب.
يُشار الى أنه استباقاً لمحاولة غريمه فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الموازية في ليبيا، دخول طرابلس مجدداً، عقد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، اجتماعاً أمنياً في طرابلس تزامناً مع استمرار توافد قوات تابعة له إلى المدينة.
بنظر الخبراء في الشأن الليبي فإن الصفقة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر برعاية إماراتية، كان لها التأثير الأكبر على التحركات الحالية في غرب البلاد.
فتركيا، التي فقدت أحد أهم رجالاتها في ليبيا، ألا وهو رئيس مؤسسة النفط الوطنية مصطفى صنع الله، جراء هذه الصفقة، قد وقعت في العزلة، مما أدى الى تحجيم دورها في ليبيا.
وهذا قد جعل أنقرة تُغير من سياستها في ليبيا، وأجبرها على التواصل مع القادة الشرقيين لحماية مصالحها، والذي ظهر في إجتماعات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع كبار المسؤولين من معسكر الشرق الليبي.
من جانبه، فإن محمود الفرجاني المستشار الإعلامي للجنة الأمن القومي في مجلس النواب الليبي، شكك في صحة التصريحات المنسوبة لتشاليك، الآنف ذكرها، موضحاً أنه في حال ثبتت فلن تصب في مصلحة تركيا ورئيسها الذي يجهز نفسه لانتخابات مقبلة.
وأوضح الفرجاني، أن تركيا غيرت استراتيجيتها في ليبيا وأصبحت تتواصل مع جميع الأطراف، مستشهداً بزيارة رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح إلى تركيا بدعوة من الرئيس التركي، بالإضافة إلى زيارات قام بها كل من فتحي باشاغا والقيادي العسكري أسامة الجويلي المقرب منه.
وفي السياق، توقع رئيس المكتب السياسي لحزب “تيار ليبيا للجميع”، فتحي البعجة، بأن “أنقرة في طريقها للخروج بشكل كامل من الأراضي الليبية، كونها مكتفية بأزمتها الاقتصادية الداخلية الخانقة. والحكومة التركية ليست على استعداد لدفع تكاليف مرتزقتها السوريين غربي ليبيا، خصوصًا مع توقف الإمدادات المالية من المؤسسة الوطنية للنفط”.