لقاءات تعاون مكثفة لدعم حضور تونس في السوق الافريقية

بفضل عضويتها في اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، تتمتع تونس بإمكانيات اقتصادية هائلة يمكن استغلالها في السوق الإفريقية. ولتحقيق ذلك، تعمل سلط الإشراف على مضاعفة جهودها لتعزيز دبلوماسيتها الاقتصادية، وتسريع التحول الهيكلي لاقتصادها واغتنام الفرص التي تتيحها هذه السوق القارية الواسعة والمتنامية. وتظهر النتائج المشجعة الأولى، مثل التصدير إلى الكاميرون، أن تونس تسير على الطريق الصحيح. ضمن هذا التوجه وفي إطار برنامج الزيارة التي أداها وفد تجاري من جمهوريّة الكونغو الديمقراطية إلى تونس، بمبادرة من مركز النهوض بالصادرات وبالتنسيق مع سفارة الجمهوريّة التونسيّة والممثليّة التجاريّة للمركز بكينشاسا، وبالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة للكونغو الوسطى، انتظم على مدى يومي 11 و12 ديسمبر 2024 على التوالي بكل من صفاقس وسوسة، منتدى الأعمال والشراكة التونسي – الكونغولي متعدّد القطاعات. قد شكّل هذان المنتديان، اللذان نظمتهما غرفتي التجارة والصناعة لصفاقس وللوسط بحضور رئيسيها، تباعا رضا الفوراتي ونجيب الملولي، وبالتنسيق مع المكتبين الجهويّيين لمركز النهوض بالصادرات بكل من صفاقس وسوسة، فرصة هامة للتعريف بهذه السّوق الواعدة وبالإمكانات التصديرية الوطنيّة المتاحة.
كما تناولت الأشغال بحث آفاق التعاون والشراكة بين تونس وجمهورية الكونغو الديمقراطية في عدد من القطاعات الاستراتيجيّة التي من شأنها أن تسهم في دفع المبادلات التجارية بين البلدين. وعلى هامش هذين المنتديين، انعقدت عدّة لقاءات مهنية ثنائيّة جمعت مصدّرين تونسييّن بجهتي صفاقس والوسط بممثلين عن 15 شركة كونغوليّة ضمن الوفد الضّيف، شملت مشترين خواصًا ومزوّدين، إلى جانب وفد مؤسّسي من غرفة التجارة والصناعة للكونغو الوسطى والوكالة الوطنية للنهوض بالصادرات بجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما شهدت المناسبة توقيع مذكرتي تفاهم بين كل من غرفة التجارة والصناعة لصفاقس وغرفة التجارة والصناعة للوسط مع نظيرتيها غرفة التجارة والصناعة للكونغو الوسطى، وذلك بهدف تعزيز التعاون في مختلف الأنشطة المزمع تنظيمها، ولتكثيف بعثات الأعمال بين البلدين بغاية تبادل الخبرات وتطوير المبادلات التجارية.
وشهدت زيارة الوفد التجاري الكونغولي التي انطلقت يوم 10 ديسمبر الجاري، قد شهدت عقد ما فوق الـ 175 لقاء مهنيّا ثنائيّا مباشرا، جمعت بين مصدّرين تونسيّين ممثّلين عن 40 مؤسّسة ناشطة في قطاعات البناء والأشغال العامة ومواد البناء، والصناعات الغذائية الزراعية، والطاقات المتجدّدة والمواد الصحيّة ومستحضرات التجميل والمنتجات الصيدلانيّة، وممثلين عن الشركات الكونغولية المشاركة ضمن الوفد الضيف. منذ انضمامها إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية) في عام 2020، تتمتع تونس بإمكانيات هائلة لتطوير تجارتها مع بقية القارة الإفريقية. وتظهر اخر المؤشرات المحينة أن البلاد يمكن أن تزيد بشكل كبير صادراتها إلى هذه السوق الواسعة التي تضم أكثر من 1.2 مليار مستهلك اذ يمكن أن تصل إمكانات التصدير غير المستغلة لتونس إلى إفريقيا إلى 527 مليون دولار في عام 2027، أي بزيادة قدرها 25% مقارنة بالمستويات الحالية.
وتشمل القطاعات الواعدة على مستوى التصدير الى الاسواق الافريقية بشكل عام الملابس الجاهزة والأحذية، بالإضافة إلى بعض المنتجات الكهربائية والكيميائية والمعدنية. وللاستفادة من هذه الإمكانات، قامت تونس بالفعل بأول تصدير للسلع إلى الكاميرون في جوان 2023 كجزء من مبادرة “التجارة الموجهة” التي أطلقتها أمانة اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. وتهدف هذه المبادرة إلى تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء من خلال اختيار الشركات والمنتجات ذات الأولوية. ومن أجل استغلال هذه الفرص بشكل كامل، من الضروري أن تعزز تونس دبلوماسيتها الاقتصادية.
ويسلط المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية الضوء في تقرير اصدره مؤخرا بعنوان “تحليل الأداء وتقييم انخراط تونس في اتفاقية زليكاف”، على الحاجة إلى تطوير القدرات المؤسسية والمهارات الخارجية إلى جانب الأدوات الاقتصادية. من هذا المنطلق، دعت وزارة التجارة وتنمية الصادرات خلال الاجتماع الثالث عشر لمجلس وزراء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية إلى إنشاء مركز أفريقي للتجارة الرقمية. ومن شأن هذه الأداة أن تتيح تنظيم وتسهيل المبادلات التجارية على المستوى القاري، ولا سيما بالنسبة للنساء وأصحاب المشاريع الشباب. علاوة على ذلك، يجب على تونس تسريع التحول الهيكلي لاقتصادها، ولا سيما تنمية قطاع التصنيع. ويتطلب ذلك زيادة معدل الاستثمار الإنتاجي، ودعم القطاعات ذات الإمكانات العالية مثل النسيج والملابس، فضلا عن التنفيذ الفعال للاستراتيجية الصناعية الوطنية.
وفي هذا السياق، طالبت وزارة التجارة باعتماد قواعد داخل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تسمح بتطوير المنسوجات باستخدام المواد الخام المتوفرة في إفريقيا بشكل أساسي، ولا سيما القطن. والهدف هو خلق فرص عمل في جميع أنحاء القارة وتعزيز سلاسل القيمة الإقليمية.

المصدر
Inconnu
المقالة السابقةكأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يكشف لجماهيره عن تفاصيل بيع تذاكر مبارياته في المسابقة القارية
المقالة القادمةاستشهاد خالد نبهان صاحب مقولة “روح الروح”