300 مليون دينار اعتمادات إحداثها: هل تحسم المنطقة الحرة ببن قردان أزمة البوابة؟

تطرح منذ مدة عمليات تعثر فتح معبر رأس جدير عدة إشكاليات اقتصادية واجتماعية لا تهم منطقة بن قردان وولايات الجنوب فحسب، بل تشمل مستوى التبادل بين تونس وليبيا وعدد من الدول المجاورة.
ويتركز النقاش، في هذا الصدد، حول مسار إطلاق مشروع المنطقة الحرة بمدينة بن قردان كداعم لانسيابية السلع في الجهة، ولكن كذلك كبوابة لكل من تونس وليبيا لدفع المبادلات التجارية والاقتصادية مع دول إفريقيا جنوب الصحراء وقسم من بلدان شمال افريقيا، بشكل عام. ومن المنتظر، ان تصل كلفة المشروع الى 300 مليون دينار مقابل اسفاره عن استثمارات تصل الى ملياري دينار.
ما زال مشروع المنطقة الحرة للتجارة في مدينة بنقردان التونسية بالقرب من الحدود الليبية متعثرا، في الوقت الذي يغلق فيه المعبر الحدودي برأس جدير منذ شهور. وتتوالى الوعود الرسمية من الجانبين التونسي والليبي بالتسريع في فتح المعبر الحدودي برأس جدير بعد أشهر من الغلق الذي ألحق ضرراً بشبكات التجارة الرسمية وغير الرسمية في الجنوب وسط دفع إلى احتواء التدفق التجاري بين البلدين داخل أطر رسمية تحد من ارتدادات أزمة تواتر غلق المعبر على البلدين.
وكانت السلط التونسية، أعلنت في العام 2012، إنشاء منطقة للتجارة الحرة والخدمات اللوجستية في بنقردان بالقرب من الحدود الليبية، بهدف تطوير المناطق الحدودية المهمّشة في جنوب شرق البلاد وإضفاء الطابع الرسمي على نشاط المتعاملين الاقتصاديين الذين ينشطون في أطر غير رسمية.
لكن خطة الاحتواء التجاري لا تزال متعثرة بعد ما يزيد عن عقد من الزمن، حيث لم يتجاوز المشروع خطواته الأولى نتيجة عدة إشكالات وعوائق مختلفة. ويمثل الخط التجاري الرابط بين تونس وليبيا شرياناً حيوياً للمناطق الحدودية التي يعيش الآلاف من سكانها من التجارة البينية بشكل غير رسمي، ما يجعل من غلق المعبر خنقاً لمصادر قوت التجار والمتعاملين الاقتصاديين.
وفي مارس الماضي أغلقت السلطات الأمنية بطرابلس المعبر وأرجعت ذلك إلى “هجوم مجموعات خارجة عن القانون” عليه، بقصد “إثارة الفوضى وإرباك العمل”، لكنها توصلت بعد ذلك إلى تفاهمات أمنية مهدت إلى قرب إعادة تشغيله من دون تحديد موعد ذلك رسمياً.
وتستمر الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ولايات الجنوب الحدودية ومناطق الغرب الليبي تحت تأثير الغلق المتواتر لمعبر رأس جدير في ظل تعثر مقومات التسريع بإنشاء مشروع المنطقة اللوجستية الحرة.
ويبعد المعبر نحو 60 كيلومتراً عن مدينة زوارة بغرب ليبيا، و175 كيلومتراً عن طرابلس العاصمة، بينما يبعد قرابة 32 كيلومتراً عن مدينة بنقردان، وتعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يومياً ولطالما اعتمدت المنطقة الحدودية التونسية الليبية على التجارة غير الرسمية العابرة للحدود غير أن سلطات البلدين تفطنت منذ عام 2009 إلى أهمية احتواء التجارة غير الرسمية في المنطقة عبر إنشاء منطقة لوجستية حرة.
ومن المؤكد أن منطقة التجارة الحرة ستعزز موقع البلاد ضمن بيئة إقليمية وعالمية تنافسية. وتعتمد منطقة الحدود التونسية الليبية على التجارة غير الرسمية عبر الحدود، حيث تتسامح السلطات منذ أكثر من عقدين من الزمن في عبور السلع المهربة بين البلدين بغاية تعزيز الاستقرار الاجتماعي في منطقة محدودة التنمية.
وتعتبر ليبيا من أهم شركاء تونس اقتصادياً، إذ كانت أول شريك تجاري على الصعيد المغاربي والعربي والخامسة على المستوى الدولي، وبلغت نسبة التبادل بينهما نحو ملياري دولار قبل ثورة 17 فيفري. ولا تزال تونس وجهة أساسية لليبيين للسياحة والعلاج، وكان يتوافد إلى تونس قبل جائحة كورونا نحو 1.5 مليون مواطن ليبي سنوياً. وتمثل السوق الليبية أهم سوق تصديرية لمنتجات الفلاحة التونسية، حيث تستأثر بنحو 60% من منتجات الغلال الفصلية، وتعيش نحو 3 آلاف عائلة تونسية من التجارة البينية، إضافة إلى مئات المؤسسات التي تشتغل في التصدير نحو السوق الليبية.

المصدر
Inconnu
المقالة السابقةعلي العابدي: لقد قدّم اللاعبون مباراةً طيبةً وكان بالإمكان أن تكون الحصيلة أفضل
المقالة القادمةبعد إنسحابه من رولان غاروس: نوفاك ديوكوفيتش يخضع لجراحة ناجحة في الركبة